فصل: تفسير الآيات (59- 63):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (59- 63):

{يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
59- يحاول الاختفاء عن أعين الناس، لئلا يروا كآبته من الألم الذي أصابه من وجود المولود الذي أخبروه به، وتستولى عليه حيرة. أيبقيه حياً مع ما يلحقه من الهوان على ذلك في زعمه؟! أم يدفنه في التراب وهو حى حتى يموت تحته؟ تنبه- أيها السامع- لفظاعة عمل هؤلاء. وقبح حكمهم الذي ينسبون فيه لله ما يكرهون أن ينسب إلى أنفسهم.
60- الذين لا يؤمنون بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب الحال التي تسوء، وهى الحاجة إلى الأولاد الذكور وكراهة الإناث، ولله الصفة العليا، وهو الغنى عن كل شيء، فلا يحتاج إلى الولد، وهو الغالب القوى الذي لا يحتاج إلى معين.
61- ولو يعجل الله عقاب الناس بما ارتكبوا من ظلم، ما ترك على ظهر الأرض دابة، ولكنه بحلمه وحكمته يؤخر الظالمين إلى وقت عيَّنه، وهو وقت انتهاء آجالهم، فإذا جاء هذا الوقت لا يتأخرون عنه لحظة كما لا يتقدمون عليه لحظة.
62- وينسب المشركون إلى الله ما يكرهون أن ينسب إليهم من البنات والشركة، وتنطق ألسنتهم الكذب، إذ يزعمون مع ذلك أن لهم في الدنيا الغنى والسلطان الذي يقيهم العذاب، وأن لهم الجنة كذلك. والحق أن لهم النار، وأنهم مسوقون إليها قبل غيرهم.
63- تأكد- أيها النبى- أننا أرسلنا رسلا إلى أمم من قبل بمثل ما أرسلناك به إلى الناس جميعاً، فحسَّن لهم الشيطان الكفر والشرك والمعاصى فكذبوا رسلهم، وعصوهم، وصدقوا الشيطان وأطاعوه، فهو متولى أمورهم في الدنيا يزين لهم ما يضرهم، ولهم في الآخرة عذاب شديد الألم.

.تفسير الآيات (64- 68):

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)}
64- وما أنزلنا عليك القرآن إلا لتبين به للناس الحق فيما كان موضع خلافهم من الدين، وليكون هداية تامة، ورحمة عامة لقوم يؤمنون بالله وبالكتاب الذي أنزله.
65- والله أنزل من السماء ماء يحمله السحاب، فجعل الأرض منبتة فيها حياة، بعد أن كانت قاحلة لا حياة فيها. إن في ذلك لدليلاً واضحاً على وجود مدبر حكيم.
66- وإن لكم- أيها الناس- في الإبل والبقر والغنم لموعظة تعتبرون بها، وتنتقلون بتدبر عطائها إلى العلم بالصانع المبدع الحكيم، ونسقيكم من بعض ما في بطونها من بين فضلات الطعام والدم لبناً صافياً سهل التناول للشاربين.
67- ومن ثمرات النخيل والأعناب التي أنعمنا بها عليكم ومكناكم منها تتخذون عصيراً مسكراً غير حسن، وطعاماً طيباً حسناً، إن في ذلك لعلامة دالة على القدرة والرحمة لقوم ينتفعون بعقولهم.
68- وألهم ربك- أيها النبى- النحل أسباب حياتها، ووسائل معيشتها، بأن تتخذ من الجبال بيوتاً في كهوفها، ومن فجوات الشجر، ومن عرائش المنازل والكروم بيوتاً كذلك.

.تفسير الآيات (69- 71):

{ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71)}
69- ثم هداها- سبحانه- للأكل من كل ثمرات الشجر والنبات، وسهَّل لها أن تسلك لذلك طرقاً هيأها لها ربها مذللة سهلة، فيخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، إن في ذلك الصنع العجيب لأدلة قوية على وجود صانع قادر حكيم، ينتفع بها قوم يستعملون عقولهم بالتأمل فيفوزون بالسعادة الدائمة.
70- والله خلقكم، وقدر لكم آجالا مختلفة، منكم من يتوفاه مبكراً، ومنكم من يبلغ أرذل العمر، فيرجع بذلك إلى حال الضعف، إذ تأخذ حيويته في الضعف التدريجى، فيقل نشاط الخلايا وتهن العظام والعضلات والأعصاب فتكون عاقبته أن يفقد كل ما عليه. إن الله عليم بأسرار خلقه، قادر على تنفيذ ما يريده.
71- والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق. فجعل رزق السيد المالك أفضل من رزق مملوكه، فما الذين كثر رزقهم من السادة بمعطين نصف رزقهم لعبيدهم المملوكين لهم، حتى يصيروا مشاركين لهم في الرزق على حد المساواة، وإذا كان هؤلاء الكفار لا يرضون أن يشاركهم عبيدهم في الرزق الذي جاء من عند الله، مع أنهم بشر مثلهم، فكيف يرضون أن يشركوا مع الله بعض مخلوقاته فيما لا يليق إلا به تعالى، وهو استحقاق العبادة؟ فهل تستمر بعد كل هذا بصائر هؤلاء المشركين مطموسة، فيجحدوا نعمة الله عليهم بإشراكهم معه غيره؟.

.تفسير الآيات (72- 74):

{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74)}
72- والله جعل لكم من جنس أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل لكم من أزواجكم بنين وأبناء بنين، ورزقكم ما أباحه لكم مما تطيب به نفوسكم. أبعد ذلك يشرك به بعض الناس؟ فيؤمنون بالباطل، ويجحدون نعمة الله المشاهدة، وهى التي تستحق منهم الشكر، وإخلاص العبادة لله.
73- ويعبدون غير الله من الأوثان وهى لا تملك أن ترزقهم رزقا- أي رزقٍ- ولو قليلا سواء كان هذا الرزق آتيا من جهة السماء كالماء، أم خارجاً من الأرض كثمر الأشجار والنبات، ولا تستطيع هذه الآلهة أن تفعل شيئاً من ذلك ولا أقل منه.
74- وحيث ثبت لكم عدم نفع غير الله لكم، فلا تذكروا لله تعالى أشباهاً، وتبرروا عبادتها بأقيسة فاسدة، وتشبيهات غير صحيحة تعبدونها معه. إن الله يعلم فساد ما تعملون، وسيجازيكم عليه، وأنتم في غفلة لا تعلمون سوء مصيركم.

.تفسير الآيات (75- 77):

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77)}
75- جعل الله مثلا يوضح فساد ما عليه المشركون، بعبد مملوك لا يقدر على فعل شيء، وبحرّ رزقه الله رزقاً طيباً حلالا، فهو يتصرف فيه، وينفق منه في السر والجهر. هل يستوى العبيد الذين لا يقدرون على شيء، والأحرار الذين يملكون ويتصرفون فيما يملكون؟ إن الله ملك كل شيء، فهو يتصرف في ملكوته كما يريد، وغيره لا يملك أي شيء فلا يستحق أن يُعبد ويُحمد، الثناء كله حق لله وحده، والتنزيه له وحده، وله العلو وحده، لأن كل خير صدر عنه، وكل جميل مرده إليه، ولا يفعل هؤلاء ما يفعلون عن علم، وإنما يفعلون ما يفعلون تقليداً لرؤسائهم، بل أكثرهم لا يعلمون، فيضيفون نعمه إلى غيره، ويعبدونه من دونه.
76- وجعل الله مثلا آخر هو رجلان: أحدهما أخرس أصم لا يُفْهم غيره: كَلٌّ على من يلى أمره، إذا وجهه سيده إلى جهة ما لا يرجع بفائدة. هل يستوى هذا الرجل مع رجل فصيح قوى السمع. يأمر بالحق والعدل، وهو في نفسه على طريق قويم لا عوج فيه؟ إن ذلك الأخرس الذي لا يسمع ولا يتكلم ولا يَفْهم ولا يُفهم، هو مثل الأصنام التي عبدوها من دون الله، فإنها لا تسمع ولا تنطق ولا تنفع، فلا يمكن أن تستوى مع السميع العليم الداعى إلى الخير والحق، وإلى الطريق المستقيم.
77- ولله- وحده- علم ما غاب عن العباد في السموات والأرض، وما أمر مجئ يوم القيامة، وبعث الناس فيه، عند الله في السرعة والسهولة، إلا كرد طرف العين بعد فتحها. بل هو أقرب سرعة من ذلك. إن الله عظيم القدرة لا يعجزه أي شيء.

.تفسير الآيات (78- 80):

{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)}
78- والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تدركون شيئاً مما يحيط بكم، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، وسائل للعلم والإدراك، لتؤمنوا به عن طريق العلم، وتشكروه على ما تفضل به عليكم.
79- ألم ينظر المشركون إلى الطير مذللات للطيران في الهواء إلى السماء بما زودها الله به من أجنحة أوسع من جسمها تبسطها وتقبضها، وسخر الهواء لها، فما يمسكهن في الجو إلا الله بالنظام الذي خلقها عليه؟ إن في النظر إليها والاعتبار بحكمة الله في خلقها، لدلالة عظيمة ينتفع بها المستعدون للإيمان.
80- والله سبحانه وتعالى هو الذي جعلكم قادرين على إنشاء بيوت لكم تتخذون منها مساكن، وجعل لكم من جلود الإبل والبقر والغنم وغيرها أخبية تسكنون فيها وتنقلونها في حلكم وترحالكم، وجعلكم تتخذون من صوفها وشعرها ووبرها فرشاً تتمتعون بها في هذه الدنيا إلى حين آجالكم.

.تفسير الآيات (81- 86):

{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85) وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86)}
81- والله جعل لكم من الأشجار التي خلقها وغيرها ظلالا تقيكم شر الحر، وجعل لكم من الجبال كهوفاً ومغارات تسكنون فيها كالبيوت، وجعل لكم ثياباً من الصوف والقطن والكتان وغيرها تصونكم من حرارة الشمس، ودروعاً من الحديد تصونكم من قسوة حروب أعدائكم، كما جعل لكم هذه الأشياء، يتم عليكم نعمته بالدين القيم، لتنقادوا لأمره وتخلصوا عبادتكم له دون غيره.
82- فإن أعرض عنك- أيها النبى- الذين تدعوهم إلى الإسلام، فلا تبعة عليك في إعراضهم، فليس عليك إلا التبليغ الواضح، وقد فعلت.
83- إن إعراض هؤلاء الكفار ليس لأنهم يجهلون أن الله- سبحانه- هو مصدر كل النعم عليهم، ولكنهم يعملون عمل من ينكرها حيث لم يشكروه عليها، وأكثرهم جمد على تقليد الآباء في الكفر بالله، حتى كان أكثرهم هم الجاحدون.
84- وحذر- أيها النبى- كل كافر بربه مما سيحصل، يوم نبعث من كل أمة نبيا ليشهد لها أو عليها بما قابلت به رسول ربها، وإذا أراد الكافر منهم أن يعتذر لا يؤذن له في الاعتذار، ولا يوجد لهم شفيع يمهد لشفاعته، بأن يطلب منهم الرجوع عن سبب غضب الله عليهم، لأن الآخرة ليست دار توبة.
85- وإذا رأى الذين ظلموا أنفسهم بالكفر عذاب جهنم، وطلبوا أن يخففه اللَّه عنهم، لا يُجاب لهم طلب، ولا يؤخرون عن دخول جهنم لحظة.
86- وإذا رأى الذين أشركوا آلهتهم التي عبدوها وزعموا أنها شركاء للَّه قالوا: يا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا نعبدهم مخطئين، فخفف عنا العذاب بإلقاء بعضه عليهم، فيجيبهم شركاؤهم قائلين: إنكم- أيها المشركون- لكاذبون في دعواكم أننا شركاء، وأنكم عبدتمونا، إنما عبدتم أهواءكم ولسنا كما زعمتم شركاء.